فصل: قال عبد الكريم الخطيب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإيضاح:

{الم} تقدم في السورة قبلها ما فيه الكفاية من الكلام في أمثال هذه الحروف في أوائل السور، وقد بينا هناك أنه ينطق بأسمائها فيقال ألف. لام. ميم.
{غُلبَت الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْض وَهُمْ منْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلبُونَ في بضْع سنينَ} أي غلبت فارس الروم في أقرب أرض الروم بالنسبة إلى بلاد العرب، إذ الوقعة كانت بين الأردن وفلسطين، والروم من بعد غلب فارس إياهم سيغلبون فارس في بضع سنين، وقد تحقق ذلك فغلبوهم بعد سبع من الوقعة الأولى.
ولا شك أن وقوعه على نحو ما قال الكتاب الكريم بعد من أكبر الدلائل على إعجازه، وأنه كلام اللّه العليم بكل شيء لا كلام البشر.
{للَّه الْأَمْرُ منْ قَبْلُ وَمنْ بَعْدُ} أي للّه الأمر من قبل غلب دولة الروم على فارس ومن بعدها، فمن غلب فهو بأمر اللّه وقضائه وقدره كما قال: {وَتلْكَ الْأَيَّامُ نُداولُها بَيْنَ النَّاس} فهو يقضى في خلقه بما يشاء ويحكم بما يريد، ويظهر من شاء منهم على من أحب إظهاره عليه.
{وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمنُونَ بنَصْر اللَّه} أي ويوم تغلب الروم فارس يفرح المؤمنون بنصر اللّه وتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له، وغيظ من شمتوا من كفار مكة، وأنه سيكون فألا حسنا لغلبة المؤمنين على الكافرين.
ثم أكد قوله: {للَّه الْأَمْرُ} بقوله: {يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزيزُ الرَّحيمُ} أي ينصر من يشاء أن ينصره على عدوه ويغلّبه عليه على مقتضى السنن التي وضعها في الخليقة، وهو المنتقم ممن يستحقون الانتقام بالنصر عليهم، الرحيم بعباده، فلا يعاجلهم بالانتقام على ذنوبهم كما قال: {وَلَوْ يُؤاخذُ اللَّهُ النَّاسَ بما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرها منْ دَابَّةٍ وَلكنْ يُؤَخّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى}.
{وَعْدَ اللَّه لا يُخْلفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ} أي وعد اللّه وعدا بظهور الروم على فارس، واللّه لا يخلف ما وعد، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك لجهلهم بشئونه تعالى وعدم تفكرهم في النواميس والسنن التي وضعها في الكون، فإنه قد جعل من تلك السنن أن وعده لا يخلف إذ هو مبنى على مقدمات ووسائل هو يعلمها، وقد رتب عليها تلك العدة التي وعدها، وجعل قانون الغلب في الأمم والأفراد مبنيا على الاستعداد النفسي والاستعداد الحربي، فلا تغلب أمة أخرى إلا بما أعدت لها من وسائل الظفر بها، وما كان لها من صفات تكفل لها هذا الظفر من أناة وصبر وتضحية بما تملك من عزيز لديها من مال ونفس.
وهكذا حكم الفرد فهو لا ينجح في الحياة إلا إذا كان معه أسلحة يغالب بها عوامل الأيام حتى يغلبها بجدّه وكدّه، فهذه الأمور وأمثالها تحتاج إلى دقة نظر لا يدركها إلا ذوو البصائر.
{يَعْلَمُونَ ظاهرًا منَ الْحَياة الدُّنْيا} كتدبير معايشهم، وإحسان مساكنهم، وتنمية متاجرهم، وتصرفهم في مزارعهم، على النحو الذي يجعلها تزدهر وتفي بحاجة المجتمع {وَهُمْ عَن الْآخرَة هُمْ غافلُونَ} أي وهم غافلون عن أن النفوس لها بقاء بعد الموت وأنها ستلبس ثوبا آخر في حياة أخرى، وستنال إذ ذاك جزاء ما قدمت من خير أو شر، ولو لم تكن النفوس تتوقع هذه الحياة لكانت آلام الدنيا ومتاعبها لا تطاق ولا تجد النفوس لاحتمالها سبيلا، وهى ما قبلت تلك الآلام واحتملتها إلا لأنها توقن بسعادة أخرى وراء ما تقاسى من المتاعب في هذه الحياة، وللّه در القائل:
ومن البلية أن ترى لك صاحبا ** في صورة الرجل السميع المبصر

فطن بكل مصيبة في ماله ** وإذا يصاب بدينه لم يشعر

. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

30- سورة الرّوم:
نزولها: مكية عدد آياتها: ستون آية.
عدد كلماتها: ثمانمائة وسبع.
عدد حروفها: ثلاثة آلاف وخمسمائة وثلاثون.
مناسبتها لما قبلها:
حملت سورة العنكبوت التي سبقت هذه السورة- دعوة للمسلمين إلى أن يوطّنوا أنفسهم على ما يلقاهم من بلاء وفتن على طريق الإيمان، وآذنتهم بأنهم مبتلون بكثير من الشدائد والمحن، وأن فيما يبتلؤن به، الهجرة، وفراق الأهل والديار. تم كان ختامها هذا الوعد الذي تلقّوه من اللّه سبحانه وتعالى، بأن اللّه سيهديهم السبيل المستقيم، سبيل اللّه، وأنه معهم، يمدّهم بأمداد نصره وتأييده.
ثم تجيء بعد هذا سورة الروم هذه، فتعرض مشهدا من الواقع، ونخبر عن حدث مشهود، يراه المسلمون والمشركون، يومئذ، وهو تلك الحرب التي وقعت بين الروم والفرس، والتي انتصر فيها الفرس، وهم عبدة أوثان، على الروم وهم أهل كتاب، كان ذلك، والحرب على أشدّها بين المشركين والمسلمين في مكة، وقد كانت الدولة للمشركين، حيث كانوا هم الكثرة، وأصحاب القوة والجاه، على حين كان المسلمون قلّة قليلة، أغلبها من المستضعفين، من الإماء والعبيد، وكان أقوى المسلمين قوة، وأعزّهم نفرا، من يستطيع أن يفلت من يد القوم، ويخرج فارّا بدينه، تاركا كل شيء وراءه!!
في هذا الوقت جاءت الأنباء إلى أهل مكة تحدّث بتلك الحرب الدائرة بين الفرس والروم، وبأن الغلبة كانت للفرس، وكان لذلك فرحة في نفوس المشركين، لم يستطيعوا أن يمسكوا بها في كيانهم، بل انطلقوا يردّدونها فيما بينهم، ويديرون أحاديثها على أسماع المسلمين، استهزاء وسخرية وشماتة، إذ كان المسلمون يمثلون الروم، الذين يؤمنون بكتاب سماوي، على حين كان المشركون يمثلون الفرس، عبدة النار. وأما وقد غلب عبدة النار أهل الكتاب، فإن عبدة الأصنام المشركين ستكون لهم الغلبة دائما على الذين اتبعوا محمدا، وآمنوا بالكتاب الذي معه، وأن ما يعدهم به الكتاب الذي في أيديهم من نصر وعزّة، ليس إلا خداعا ووهما كاذبا، وأن فيما وقع بين الفرس والروم، وما كان من انتصار الفرس على الروم لهو شاهد بيّن، لا تدفع شهادته. وإذن فإن ما يدّعى بأنه كتب سماوية من عند اللّه- قديما وحديثا- هو مجرد كذب وافتراء. إذ لو كانت هذه الكتب من عند اللّه لما خذل أتباعها أبدا. وإلا فأين اللّه وقد خذل أتباع كتبه؟ هكذا كان تفكير المشركين وتقديرهم.
وقد وجد المسلمون في أنفسهم شيئا من الأسى لتلك الهزيمة التي حلّت بالروم، ثم ضاعف ذلك الأسى، وزاد في مرارته ما كان يلقاهم به المشركون من كلمات ساخرة، ونظرات شامتة. ذلك والمسلمون قد كانت تنزف جراحاتهم دما، من طعنات المشركين لهم، في أجسامهم، ومشاعرهم على السواء.
وفى كل موقف يشتد فيه البلاء على المؤمنين، وتضيق فيه عليهم الأرض بما رحبت، تطلع عليهم آية من آيات اللّه، فتمسك بسفينتهم المضطربة، وتنتزعها من يد العاصفة المجنونة المشتملة عليها، وإذا الأمن والسلامة يحفّان بهم، وإذا هم وقد ظفروا، وغنموا، وانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل، لم يمسسهم سوء!! ومن هذه الآيات الأولى التي تنزلت بها سورة الرّوم وجد المسلمون ربح رحمة اللّه، في هذا الوعد الكريم، وفى تلك البشرى المسعدة التي ساقنها إليهم بين يديها.
وحفّا قد غلبت الرّوم في هذه المعركة، وليس بالمستبعد أن يغلب المؤمنون في معركة أو أكثر من معاركهم مع المشركين، ولكن العاقبة أبدا للمؤمنين. ولقد غلبت الروم في هذه المعركة، ولكن الصراع لم ينته بعد.
فهناك معركة غير منظورة، يعلمها اللّه، وستقع بعد بضع سنين، وفيها يكون النصر للروم، وبهذا النصر يحسم الأمر بينهم وبين الفرس، فلن تقوم للفرس قائمة بعد هذا اليوم، بل ولن تكون لهم دولة، حيث يستولى المسلمون على هذه الدولة، وتصبح بعضا من دولة الإسلام.
{من أنباء الغيب}.
التفسير:
قوله تعالى: {الم غُلبَت الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْض وَهُمْ منْ بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلبُونَ في بضْع سنينَ للَّه الْأَمْرُ منْ قَبْلُ وَمنْ بَعْدُ وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمنُونَ بنَصْر اللَّه يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزيزُ الرَّحيمُ وَعْدَ اللَّه لا يُخْلفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهرًا منَ الْحَياة الدُّنْيا وَهُمْ عَن الْآخرَة هُمْ غافلُونَ}.
قلنا إنه في هذا الجو الخانق الكئيب، الذي كان يتنفس فيه المسلمون سموم الشماتة من أفواه المشركين، لهذه الهزيمة التي لحقت بالروم على يد الفرس- في هذا الجو تلقى المسلمون في مكة هذه الآيات من مطلع سورة الروم، فوجدوا في أنفاسها المطهرة، أرواحا طيبة، سرت في كيانهم، فتفتحت لها قلوبهم، وانتعشت بها مشاعرهم، وزغردت لها أرواحهم.!
إنهم تلقوا من اللّه سبحانه وعدا كريما بنصر الروم، وإنهم ليجدون هذا الوعد واقعا محققا، قبل أن يقع. إنهم مؤمنون بربهم، مستيقنون بما يعدهم به.
وحين يرى المشركون هذه الحال، التي لبست المسلمين من الرضا والطمأنينة، يتساءلون فيما بينهم. ماذا جرى؟ وأي شيء بدّل حال المسلمين، فأصبحوا على غير ما أمسوا عليه؟ وتجيئهم الأنباء، بأن محمدا تحدث إليهم بما اعتاد أن يلقاهم به من حديث يقول إنه تلقاه من ربه، وأن ما حدثهم به اليوم، هو أن الروم وإن غلبوا في تلك المعركة التي دارت بينهم وبين الفرس منذ قليل، فإنهم سيغلبون، وأن ذلك سيكون بعد بضع سنين!!.
أهكذا الأمر إذن؟ وأ لهذا كانت تلك الفرحة التي تعلو وجوه المسلمين؟
ألا ما أخف أحلامهم، وما أضل عقولهم؟! ألمثل هذا الكلام ينخدعون؟
وعلى مثل هذا الكلام يبنون قصورا من الأماني والآمال؟ ألا يزالون على ضلالهم القديم، ينخدعون بما يحدثهم محمد به، من أحاديث لا تعدو أن تكون وعودا معلقة بالمستقبل البعيد أو القريب، لا يمسك المرء منها بشيء، في يومه أو غده؟ فأين البعث؟ وأين الحساب؟ وأين الجنة والنار؟ لقد أكثر محمد من تلك الأحاديث إلينا، وصدّع بها رءوسنا، وما نرى لذلك ظلا، وما نشهد له أثرا! ثم ها هي ذي تبلغ الجرأة بمحمد، فينتقل من الرجم بالغيب في أحشاء الزمن البعيد، المضاف إلى ما بعد موت الناس جميعا، إلى أن يرجم بالغيب في واقع حياتنا، مما لا يجاوز مداه بضع سنين؟ إنها عثرة قائلة، ولن نقيل محمدا منها. فهيا أمسكوا به، متلبسا بهذا الكذب المفضوح، واضربوه الضربة القاضية، وقد سنحت لكم الفرصة فيه!! هكذا أدار المشركون الحديث حول هذه الآيات، ووجدوا- حسب زعمهم- أن فيها فرصتهم، للنيل من محمد، وبضربته ضربة في الصميم من دعوته.
إنها لسنوات معدودة، {بضع سنين} تنحصر فيما بين ثلاث وعشر، وبعدها ينكشف الأمر، فماذا لو ظلت الحال على ما هي عليه، فلم تقع حرب بين الروم والفرس خلال هذه السنوات المعدودات؟ وماذا لو وقعت حرب بينهما ثم دارت الدائرة فيها على الروم مرة أخرى؟ أيكون لمحمد وجه يلقى به الناس بعد هذا؟ أو يجد محمد بعد هذا أذنا تسمع له، أو إنسانا يصدق له قولا؟
والحق أن هذا صحيح. فلو أنه لم تقع حرب بين الفرس والروم خلال هذه المدة المحدودة، المحصورة في بضع سنين، ثم لو وقعت هذه الحرب ولم يكن النصر والغلب للروم على الفرس فيها- لو أنه لم يحدث هذا، لما كان لمحمد ولا لدعوة محمد مكان في هذه الدنيا، ولذهب كل شيء، ولاختفى كل أثر لمحمد، ولدعوة محمد إلى الأبد!.
إنها دعوة قائمة على أنها من عند اللّه، وأن محمدا، يتلقى آياتها وكلماتها من ربه. وهذا يعنى أنها الصدق الذي لا تعلق به شائبة من كذب، وأنها الحق الذي لا يلم به الباطل أبدا. فإذا طاف بهذا الكلام طائف من الكذب، أو علق به ولو ذرّة من شك وارتياب- كان ذلك واقعا بين أمرين، لا ثالث لهما:
إما أن يكون هذا الكلام من عمل محمد، ومن مقولاته التي يتصيدها من هنا وهناك. وإذن فهو كاذب فيما يدعيه من أنه رسول اللّه، وأنه يتلقى هذا القرآن، وحيا من ربه. وإذن فقد بطلت دعواه بأنه رسول من عند اللّه.
وإما أن يكون هذا الكلام، وحيا كما يقول محمد، ولكنه ليس وحيا من عند اللّه، وإنما هو مما تلقيه الشياطين، على بعض الناس، كالعرافين، والشعراء. وإذن فقد بطلت دعواه أيضا بأن ما يحدثهم به هو وحي من عند اللّه. لأن اللّه لا يكذب، ولا يفترى!.
والحق أيضا أن هذه الآيات، وما حملت من هذا الغيب، الذي أذاعته في الناس جميعا، والذي ترددت أنباؤه على أسماع الناس في الجزيرة العربية، وما فيها من مشركين وأهل كتاب، بل وربما جاوزت الجزيرة العربية إلى فارس والروم. الحق أن هذا كان تحديا للناس جميعا، بهذه المعجزة المادية المحسوسة. وقد كان ذلك فيما يبدو- في ظاهر الأمر- مغامرة انتحارية من محمد، كما كان فرصة للذين يرصدون دعوة محمد، ويريدون أن يعرفوا على وجه اليقين، مبلغ صدقها أو كذبها.
وكعادة المشركين الضالين، الذين استقبلوا الدعوة الإسلامية من أول يومها بإعلان الحرب عليها، من قبل أن ينظروا في وجهها، وأن يتبينوا دلائل الحق التي بين يديها- كعادتهم في مواجهة الدعوة الإسلامية بالكفر والعناد، استقبلوا هذه الآيات بالهزء والسخرية، وأقبلوا إلى المسلمين يسلقونهم بألسنة حداد، بما عرف فيهم من لجاج ولدد في الخصومة. فما هذا الخبر الذي حملته الآيات، إلا وعدا كتلك الوعود الكثيرة التي أوسع لها محمد في الأجل، فجعلها في عالم آخر، نصب فيه موازين الحساب والجزاء، وأقام في ساحاته الجنة والنار. وإذا كان في هذا الوعد الجديد شىء، فهو في قرب الأجل المضروب له. وهذا القرب هو في ذاته دليل على كذبه، وأنه ليس من عند اللّه.
إذ لو كان عن إرادة نصر من عنده لأهل الكتاب على المجوس- لكان ذلك أمرا منجزا، ولما كان للّه أن يؤخره بضع سنين. إذ لا داعية لهذا التأخير، ما دامت قدرة اللّه حاضرة قادرة أبدا. بل وأكثر من هذا، فإن هذا النصر لو كان إرادة للّه لما وقعت الهزيمة أصلا بالروم، ولكان نصرهم قبل هزيمتهم أوقع وأقرب من نصرهم بعد الهزيمة!.
هكذا، لقى المشركون المسلمين بهذه المقولات وأمثالها، حتى لقد أدّى الأمر إلى أن تقوم مخاطرات بين المسلمين والمشركين، على وقوع هذا الخبر أو عدم وقوعه، وحتى لقد قيل إن أبا بكر- رضى عنه- خاطر أبىّ بن خلف، على عدد من الإبل، يؤديها إلى أبى بكر، إذا غلبت الروم الفرس خلال سبع سنوات، ويؤديها أبو بكر إلى أبىّ، إذا غلبت الفرس الروم، أو لم تقع بينهما حرب أصلا، خلال هذه السنوات السبع!.
وتمضى الأيام، وتتحرك الأحداث، ويهاجر النبي والمسلمون إلى المدينة، ويلتقى المسلمون والمشركون في موقعة بدر في السابع عشر من رمضان، للسنة الثانية من الهجرة، وينتصر المسلمون نصرا كاملا مؤزرا، ويهزم المشركون هزيمة نكراء، فيقتل منهم سبعون رأسا من رءوسهم، ويؤسر سبعون.!
وفي هذا الوقت الذي كانت تدور فيه معركة بدر بين المسلمين والمشركين، وتدور فيها الدائرة على الشرك وأهله، كانت هناك معارك دائرة بين الروم والفرس، وفيها ينهزم الفرس هزيمة إلى الأبد، فلا تقوم لهم بعدها دولة.
فما هي إلا سنوات بعد هذه الهزيمة التي حلّت بهم، حتى تدخل جيوش المسلمين بلاد فارس، وتستولى عليها، وتضمها إلى الدولة الإسلامية.
وليس هذا رجما بالغيب، ولا استملاء من أساطير الأولين، كما يتخرص المتخرصون عن القصص القرآنى.